يُعد داء باجيت من الأمراض المزمنة التي تؤثر على الهيكل العظمي، حيث يؤدي إلى حدوث تغيرات غير طبيعية في بعض أجزاء العظام. يتميز هذا الاضطراب بزيادة مفرطة في نشاط الخلايا المسؤولة عن تكسير العظم وبنائه، مما يسبب اختلالًا في التوازن الطبيعي بين عملية الهدم والبناء في العظام. هذا التغير يؤدي إلى تضخم بعض العظام، إلا أن هذه العظام المتضخمة تكون ضعيفة وغير منتظمة في تركيبتها.
رغم إمكانية إصابة أي عظم في الجسم، فإن داء باجيت يميل إلى التأثير بشكل أساسي على الحوض، عظم الفخذ، والجمجمة، وقد يصيب أحيانًا العمود الفقري، الظنبوب، الترقوة، والجزء العلوي من العضد.
السبب الدقيق للإصابة بداء باجيت لا يزال غير معروف في أغلب الحالات، لكن يُعتقد أن للعوامل الوراثية دورًا في تطوره، إذ تُظهر بعض الدراسات وجود طفرات جينية محددة لدى نسبة من المرضى، كما تشير أبحاث أخرى إلى احتمال وجود دور لبعض الفيروسات في ظهور المرض، رغم عدم وجود دليل واضح على أن المرض معدٍ.
في معظم الأحيان، لا يُظهر المصابون بداء باجيت أعراضًا واضحة، وقد يُكتشف المرض مصادفة أثناء إجراء فحوصات طبية أخرى. ومع ذلك، قد يعاني البعض من ألم في العظام يكون عميقًا ومزعجًا، وقد يزداد أثناء الليل. كما قد تظهر تغيرات في شكل العظام المصابة، وقد تؤدي هذه التغيرات إلى الضغط على الأعصاب المجاورة، مما يزيد من الشعور بالألم أو يسبب أعراضًا إضافية.
عندما يصيب المرض الجمجمة، قد يُلاحظ بروز في الجبهة أو تغير في حجم الرأس لدرجة الحاجة إلى قبعة أكبر من المعتاد. وقد يؤدي تضخم عظام الجمجمة إلى التأثير على السمع أو التوازن بسبب الضغط على الأذن الداخلية. كما يمكن أن تظهر الصداع أو انتفاخ في أوردة فروة الرأس نتيجة زيادة تدفق الدم في تلك المناطق.
في حالات إصابة المفاصل المجاورة للعظم المصاب، قد تحدث خشونة، مما يؤدي إلى ألم وتيبس في المفصل المصاب. أما في العمود الفقري، فقد يؤدي ضغط العظام المتضخمة على الأعصاب إلى آلام عصبية أو مشكلات في الحركة.
تشخيص هذا المرض يتم غالبًا بعد الاشتباه به من خلال الأعراض والفحص السريري، لكن التأكيد يتم عبر مجموعة من الوسائل أهمها التصوير بالأشعة السينية، حيث تُظهر الصور تغيرات مميزة في العظام. كما يُستخدم تحليل الدم لقياس مستويات الفوسفاتاز القلوية، وهو إنزيم يرتفع عند وجود نشاط غير طبيعي في العظام. كذلك قد يُلجأ إلى مسح العظام لتحديد مدى انتشار المرض ومواقع الإصابة بدقة.
المتابعة الطبية الدقيقة والفحوصات المنتظمة تساعد في التحكم بالمرض وتخفيف الأعراض، خاصة في حال اكتشافه مبكرًا.
